تحتفل هذه الأيام جريدة الخبر بعقدين من الزمن في خدمة الإعلام والصحافة المكتوبة، كما تفعل زميلتها الشروق كذلك ببلوغ عامها العاشر، كلا الصحيفتين لهما من الوزن والحجم مكانة معتبرة في الساحة الوطنية وحتى عالميا، فبدوري أهنئهما وأتمنى لهما مشوارا أفضل مما مضى، وأداء أحسن.
ربما يعود القارئ لمقالات سابقة لي ليجد نقدا واضحا صريحا لأداء تلك الجرائد في وقت ما، ويعيب عليّ تهنئتي لها وتصفيقي وتأييدي، فهذه مناسبة مهمة لأوضّح نقطة طالما واجهت فيها بعض النقاش والاعتراض، فعندما أقدّم النقد على سلبيات لأي شيء لا يعني بالضرورة كرهي أو معارضتي له جملة وتفصيلا، فليس اللوم دائما لعدّوك، بل حتى لأصدق أصدقائك، من هنا أؤكد أني أحترم كثيرا جريدتي الخبر والشروق، وغيرهما من بعض جرائدنا الوطنية مهما فيها من نقائص وتناقضات يمكن أن تحدث في أي مكان في العالم، وبما أنهما نتاج وطني ومن باب حرصي على ظهورهما في أفضل حال، أجد نفسي ملزما على القول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، مجتهدا في رأيي مع إمكانية الصواب أو الخطأ.
بعد مقدمة طويلة أعود للكتابة حول المناسبة السعيدة لكل جريدة وما صاحبها من أصداء هنا وهناك، كما أودّ الإشارة لبعض الملاحظ وأهم ما استوقفني على ضوء الحدث.
أبدأ بجريدة الخبر كونها الأكبر سنّا والأقدم وجودا، فكل متتبع لمسارها يجد فيها من الإنجازات مثلا كونها خرجت من رحم المعاناة، وفي ظروف قاسية جدا وطنيا، في وقت لم يكن هناك جرائد خاصة، ولا حرية كبيرة للقلم كما ننعم به اليوم، مع ما يحسب للخبر أيضا نتاجها البشري الذي أصبح بعد ذلك نواة لعدة مشاريع إعلامية أخرى، فعشرون عاما من العمل الإعلامي ليس بالأمر الهيّن طبعا، والطريق مليء بالعقبات والمطبّات، وما حقبة الإرهاب في الجزائر إلا أقوى اختبار مر عليه كل من مر.
في مناسبتها العشرين قدّمت الخبر ثوبا جديدا لموقعها الإلكتروني، بعدما عانى ركودا رهيبا، في ظل تقدّم مؤسسات أخرى في هذا الإطار، حتى المغمورة منها، فخيارات التعليق على الخبر لم تضف إلا أخيرا، وتوزيع المحتوى في الصفحة الرئيسية كذلك، المهم في الأخير تفطّن القائمون على الجريدة إلكترونيا، وقاموا بتدارك الأمر.
الخبر جريدة توزع في الجزائر وأوروبا، ولعل الملاحظ في النسخة الورقية وجود سعرها بالدينار والأورو، هذا من بين الأمور التي وفّرت الصدى الواسع للجريدة وضمنت لها مكانة بين الكبار، حتى قبل إطلاقها الموقع الإكتروني، لذا نرى شهادات الكتّاب والدكاترة والشخصيات الثقيلة حولها إيجابية، مع أني لا أعترف بشهادات المغنيين والفسّاق فهم أدنى من الإشادة بجريدة مثل الخبر في الأصل.
مايعاب على الخبر معارضتها بسبب أو بدونه للحكومة، حيث نشرت يوما ما مثلا كذبة الطريق السيّار! مع أنه واضح للعيان، وحينها كنت قد سرته بنفسي، كما يعاب عليها تبنيها لقضايا غير مشرّفة كقضية الشاب مامي وإظهاره بثوب الضحية، مع أني أتبرّأ من فعله وانتمائه الجزائري، بالإضافة لكون الخبر رغم ما تسمّيه بالاحترافية ترعى إعلاميا أحداثا ساقطة مخجلة وعلى رأسها مسابقة ألحان وشباب، فالغرض التجاري يغلب عليها وعلى غيرها من الجرائد ولو على حساب المبادئ والأخلاق والأعراف والدين.
أما عن جريدة الشروق، مع ما لها من ملايين المتابعين الأوفياء مثلي يوميا، فلها نصف عمر الخبر، غير أن صيتها أكبر من عمرها بكثير، زيادة على أنها أخذت منحى آخر بدعمها للغة العربية دعما واضحا، وتكريمها للعلماء والدكاترة والأساتذة باختلاف تخصصاتهم، والاهتمام بأقلامهم ورعاية أفكارهم، وهنا تثقل في ميزان النقد والتقييم.
أما انزلاقها الخطير فكان في القضية الجزائرية المصرية، فقد نزلت بنفسها وكتّابها أسفل سافلين، وزعزعت ثقتها في قرائها، من باب حفاظها على الوطنية والدفاع عن الجزائر، لكن ليس بأية طريقة، وبأي أسلوب! فيما تواصل العمل في نفس الطريق حاليا مع المغرب الشقيق للأسف.
الشروق يعاب عليها كغيرها من جرائدنا الوطنية نقلها لبعض الأخبار المهمة دون مصدر معلوم، وبأخبار مغلوطة، علما أن هذا يحدث في كل جرائد العالم، لكن في الجزئيات ربما، أما أن يكون الخبر الرئيسي مغلوطا أو تشم منه رائحة الفتنة، فهذا ما لا يقبله القارئ منك يا شروق.
الشروق كما الخبر تبنت قضية الشاب مامي، ونقلت رغبة الشاب خالد بزيارة غزة والغناء لهم نصرة للقدس! هذا بالتوازي مع دعمها المطلق لقوافل الدعم والمساعدات المشكور جدا سعيها، فأين هذا من ذاك؟ كلها مهاو سقطت ولازالت تسقط فيها لحد الآن.
الشروق أعلنت دعمها الكامل للمنتخب الوطني، لكن ليس بثوب الراعي الإعلامي المحترف، فكغيرها من جرائد الوطن كثيرا ما ذبحته ورفعته وأسقطته أرضا دون مبررات ولا عمل مدروس، كلها أراء شباب حملوا لقب الإعلاميين زورا، وهم مازالوا لم يكتسبوا أخلاق ورزانة المهنة، وكأنهم فطموا قبل أوانهم.
أما عن شهادات الوزراء في حقّها – رغم ما تكتبه عنهم كل مرة – وكذا شهادات الدعاة التي نشرتها، ففيها الكثير من المبالغة، مما يجعلاني أمام احتمالين، أحدهما أن من أثنى لم يعبّر جيدا عن رأيه ليقدّم تلك الإطراءات والأوصاف الكمالية لجريدة فيها من الأخطاء والزلل ما في غيرها رغم الإنجازات، أو أن شهاداتهم أصلا حوّرت خاصة إن قدّموها كلاميا وليس كتابيا، فهي بقدر ما نشرت لتعلي شأن الجريدة، لكن العالم بخباياها يرى الأمر من زاوية أخرى، ويضع من قدّم ذلك النوع من الشهادات محل شك وريبة من كونه يقول حقا بلسانه ما في قلبه!
مرة أخرى أهنّئ جريدتي الخبر والشروق، وأرجو لهما كل خير وتطور ونماء، مع أمنيتي بأن يتم التقارب بينهما أكثر، فهما تتعاملان كالضرتان في عصمة القارئ، وتلعبان دور القط والفأر كل مرة، إذ ليس بهذه التصرفات نعلي شأن إعلامنا، فما أحوجنا للتكتل والتناسق خدمة لأهدافنا السامية، فنريدها منابر إعلامية مشرّفة للوطن، لا أبواق همّها نشر الغسيل فقط، وهدم ما بناه الشهداء قبل 56 عاما من اليوم.
Comments (8)
سلام ، ابعدت جابر ، فعلا الشروق و الخبر من رحم المعانات الى العالمية
و لكن ما اعيبه انا للخبر هو لائكيتها المباشرة و دعمها للعلمانية بطريقة خبيثة و ذكية لا تظهر علنا
و الشروق فحدث و لا حرج فمنذ أحداث القاهرة و ما بدأت تكتبه من أكاذيب و مغالطات فعلا تزعزعت
ثقتي بها حيث كنت قارئ دائم لها اما الآن فلاكاد اقرأ عنوانا من عناوين صحافتنا الصفراء
بكل صراحة اصبحت اقبل على مواقع عالمية مثل الجزيرة و العربية و رويترز و cbs nbc fox الأمريكية
فعلا مواقع اخبارية و صحافة محترفة ولو انها الامريكية لا تبالي بالعرب و لا بفلسطين و جلها يملكها
يهود او على الأقل اللوبي الصهيوني ،
خلاصة القول لم اعد اثق بصحافتنا ، بالمناسبة لم تذكر النهار و كذبها المفضوح كل يوم و كل عدد
تجدها مدججة بالأقاويل و القصص المكذوبة ، لا ادري حتى كم عمرها عام ،، عامان ،،
بارك الله فيك
تحياتي
نعم عبد الحفيظ عندك كل الحق!
فيما يخص النهار فلم يحن موعد ميلادها بعد، فلا أكن لها أي احترام كونها تعاني المراهقة الإعلامية، على خلاف الخبر والشروق.
مجرد رأي والله أعلم.
تماما جابر ، لم يحن ميلادها بعد و ليس لها احترام بتاتا و لكنها تنتشر بسبب ما تنشره من الأكاذيب كالنار في الهشيم
تحياتي
الأخ الكريم جابر سلام الله عليك
نحييك أخي الكريم على تنويهك لما يميز الجريدتين من منظورك وقراءتك العميقة لواقع وتأثير الجريدتين على الرأي العام الوطني والاقليمي , وإننا إذ نبارك مسارهما كأنموذجين يعبران عن واقع العربية بالجزائر , فقراءة بسيطة في حجم مقروئية الجريدتين توضح لنا مدى شغف وتعلق الشعب الجزائري بهويته العربية الاسلامية وإن طفت للسطح بعض صور الميوعة والتحلل في محتوى هاتين الجريدتين ….
وتبقى الأمور طبعا نسبية في قبول محتواهما , فأحيانا كثيرة تحس أن البعد التجاري هو المعامل الأقوى في سياسة الجريدتين , وإن كان ذلك لا يتنافى مع ضروريات النشر إلا أن طغيان سياسة الكسب وعدم الارتكاز على المخاطرة , يضعنا في مواقف محرجة مع هاتين التجربتين …
أخي جابر مباركة جهودك وموفق ان شاء الله في مساعيك
نجاح الجريدتين يعد دليلا على أن الإعلام في الجزائر يمكنه فعل الكثير لو أتيحت الفرصة.
لجريدة الخبر الفضل الكبير في نشر اللغة العربية ثم جاءت الشروق لتحمل هذا اللواء معها بغض النظر عن ركاكة كلمات هذه الأخيرة في بعض الأحيان وانسياقها وراء الفتن.
مما يجب أن نشير إليه هنا أن الشروق مرت عبر تاريخها بمراحل لم أجد لها تفسيرا ً لحد الآن ربما لعدم تخصصي في مجال الصحافة و تراخيها ونقدها , بينما كمتتبع منذ التسعينات فإني ألاحظ كما لاحظ الكثير تحول هذه الجريدة من الطرح الإسلامي الخالص إلى الإنفتاحية السافرة والدعائية “الماجنة”ثم في الآونة الأخيرة أصبحت تجارية منفعية حيث يلاحظ المتتبع لها منذ عام كم كان توجهها إلى التخصص في المجال الرياضي الذي يعتبر المجال الخصب لجلب أكبر قدر ممكن من المقروئية والتباهي بذلك في أوج الحدث الرياضي .
بارك الله فيك أخي جابر ووفقك لمسعاك
هذا الموضوع مهم جدا من حيث أنه يضع مسألة الصحافة الجزائرية في إطار النقد. ما لاحظته منذ أشهر قليلة هو أن الجريدتين (على الإنترنت فأنا لا أشتري الجرائد) تتباهان و تتنافسان على المركز الأول في الجزائر. فهذه تشيد ب أرقام Forbes و الأخرى لا أذكر يمن…. و كما يقول المثل “شكون شكرك يا لعروسة؟”. المهم أنهما تتنافسان لكن ليس في الأخبار الدقيقة… الشروق تميزت في الأخبار الكاذبة و البلبلة و إثارة الفتنة. فهم حتى الآن لا زالوا ينشرون أخبار عن “مصر التي تكرهنا”…. أما الخبر فهي جريدة متوجهة و إن كانت أكثر احترافية من الشروق التي يبدو أن “صحفييها” قليلي الخبرة. حتى من الناحية اللغوية.
و المطلوب من الصحفي و الجرائد و الإعلام عامة الموضوعية والدقة في الخبر و التأكد من صحته قبل نشره. و هذا ما يتميز به الغير الذي نجح في اكتساب المهنية الحقيقية. أما التوجهات و التعليقات و ما إلى ذلك فهنا يتوجب على الصحافي الحيادية و هذا هو الوهم الذي ربينا عليه… و هو كما قلت وهما.
للأسف نحن محرومون من قراءة جريدة .. فلنقل “محترمة” ..
لا نملك ذلك في الجزائر .. دون دخول في التفاصيل !