في الكثير من أرقى مطارات العالم يبدع مهندسوها في مكان إقامة الصلاة، بقاعات نظيفة وحتى مساجد متكاملة أنيقة مكيفة مفروشة بسجاد فاخر تتوفر على كل وسائل الراحة وأمكنة الوضوء وأعوان نظافة يبادرون قطرات الماء قبل أن تصل إلى الأرض.. في دول الشرق والغرب.. في الخليج وأوروبا.. يحدث هذا في بعضها بمعنى الاهتمام بأول ركن في الإسلام بمعناه الروحي التعبدي، ويحدث في أخرى في منحى تجاري بحت بتقديم خدمة راقية احترافية في إطار تجربة المستخدم والتعامل مع العملاء وفق رغباتهم وما يريحهم وبالتالي بناء الولاء وكسب الثقة.

إلا في القوة الإقليمية تجد مبنى المطار الجديد تاريخا.. القديم مظهرا.. المتعب صيانة وإدارة.. في ركن قصي لافتة كانت مضيئة وانطفأت هي حصرا دون اللافتات مكتوب عليها “قاعة الصلاة”.. قاعة صغيرة تنبعث منها روائح أكثر ميلا للقذارة مزيجة بين الأحذية والجوارب والرطوبة العالقة في سجادات مختلف ألوانها وضعها هناك محسنون متطوعون.. في الجدار ورقة معلقة ب “سكوتش” مكتوب فيها الصلاة عماد الدين.. وأوراق أخرى فيها أدعية وأذكار.. كل شيء هناك لا يوحي لما كتب فيها..

بعد الصلاة رجل مغوار يبادر غيره بالسؤال والمحاكمة عن أبسط أفعال الصلاة.. لماذا تفعل كذا ولا تفعل كذا؟.. وآخر نسي أنه مسافر إلى وجهته وقد أخذ يلقي مواعظ ودروس ويفتي ويذكر أحاديث وشبه آيات لم يحفظ منها إلا الجزء اليسير.. تلوث سمعي بصري أنفي حسي بامتياز..

خلاصة القول وكأن من وضع ذلك المكان للصلاة ممن يخجل منها.. ويعتبر أنه قدم خدمة عظيمة للمصلين بمنحهم تلك الزاوية التي تليق بكل شيء إلا الصلاة.. لحظات لا يتعبد فيها الإنسان ولا يرتاح أملا في رحلة هادئة داعيا الله السداد والتوفيق في مشاغله ومشاويره.. بل هي فترة زمنية لحبس النفس والدخول بسرعة والخروج من هناك بأخف الأضرار والمتاعب..

كلمات ليست جديدة فقد كتب قبلها الكثير.. إلا أن المقصد الآن ليس دعوة للتغيير ولا نهيا عن المنكر.. ولكن صرنا نكتب لنتسلى فقط.. ففي الأخير هي محطات عبور سريعة.. وكما قال لي صديقي -الذي يدافع عن كل شيء منهم- رويت له هذه الحادثة.. وأنت علاه ما صليتش في دارك؟!