للنجاح وإنجاز الأفكار المفيدة قوّى دافعة، منها داخليّة ومنها خارجيّة، يستغرق صاحبها أوقاتا وجهودا لتوفيرها والعمل على ضوئها، إلّا أنّ تلك القوّى الدافعة يمكن أن تنسف في لمح البصر بكلمة بسيطة لا يلقي لها ناطقها بالا حتّى تكون سببا في مواصلة المسيرة بعزم أكبر أو في توقّفها تماما.
من كثر كلامه كثر ملامه، لعلّ هذه الحكمة ترتبط مع هذا المعنى ولو بطريقة غير مباشرة، فمتى ما راقبنا ألسنتنا ومارسنا عليها صرامة عالية قبل النطق بأيّ حرف نندم عليه لاحقا، سلمنا من تجريح من يعمل ويجتهد، حتّى إن اعتبرنا أنّنا على صواب من أمرنا، فاختيار الفرصة المناسبة عامل جوهريّ ومؤثّر.
الكلام في غير محلّه يمكن أن يأتي على صورة انتقاد، أو مجرّد تعليق عابر يحمل بضع حروف فضلا عن الكلمات، بل ربّما يكون إيماءة وحركة وجه فقط تنْبئ عن سخريّة وازدراء، فما بالك بما هو مكتوب، والأدهى والأمرّ حينما يتمّ الشكّ في النوايا، وتوجيه اتّهامات فارغة دون أدنى قرينة، فلا يبقى حينها إلّا ذلك الكلام كعلامة سلبيّة في جبهة صاحبه، فيما الزمن كفيل بإظهار الحقيقة، فالمجدّ بإخلاصه لله يبلغ هدفه ناسيا كلّ ما لاقاه في سبيله.
من جهة أخرى لا نتصوّر ونحن نطلب القمّة، أن يفرش طريقنا بالورود والسجّاد الأحمر، فمن سنن الله أن جعل للنجاح وقودا، لنحرقه ونولّد الطاقة اللازمة لشقّ ظلمات الأمواج نحو برّ الأمان، ولا يحلو الإنجاز دون تحدّيات وعقبات، فلنختر لأنفسنا مقام العاملين المجدّين، لا مرتبة المثبّطين القاعدين على جنبات الطريق نتصيّد الزلّات ونبثّ سمومنا بكلمات معجزة -في نظرنا- محفّزة في ذهن من يعرف سبيله للسموّ إلى المعالي.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».