واجهت خلال مسيرتي القصيرة لحد الآن في مجال التصميم أصنافا من الآراء وطرقا في التفكير في ما يخص التعامل مع الخدمات الموفرة والمعروضة، فمجال التصميم مجال واسع جدا ومترامي الأطراف، التحكم فيه كاملا أمر قريب جدا للمستحيل في غياب دعم بشري ومادي ورصيد معرفي مسبق.
عندما يبدأ المصمم في إنشاء شركته الخاصة ويطبع مطوية أو معلقة إعلانية أو يقوم بعمل وسيلة دعائية لمؤسسته نجده يدرج فيها كل أنواع الخدمات المتعلقة بالمجال ثم مع مرور الوقت تتم التصفية، ويقرر الاستغناء عن هذه الخدمة وتلك، ولكن كيف يتم ذلك؟ ومتى نعلم أن هذه الخدمة منتجة والأخرى مكلفة وهذه تعيق تقدّمنا والأخرى تدفعه؟
تقييم مردود الخدمات في مجال التصميم أمر صعب مثله مثل بقية المجالات الأخرى التي تندرج تحت تخصص الخدمات بخلاف التجارة التي يمكن احتساب تكاليف شراء البضاعة من شحن ونقل وقيمة بيعها ليتبين لنا صافي الربح، فنقرر المواصلة من عدمها، أما مجال الخدمات فتقييمه يعتمد على التخمين، وتقدير الجهد، فلكلّ تقديره، ولكل جهده.
مؤسسات التصميم تلجأ إلى تصفية الخدمات التي تشكل عائقا لها في التطور وفق عدة مقاييس، نحاول تبسيط مقياس واستخراج النتيجة منه في هذا المثال:
نحصر عدد الخدمات التي نقدمها كمؤسسة، ثم نعد عدد المرات التي تعاملنا بها خلال عام كامل إن أخذنا العام كوحدة للتقييم، وندرج إحصائية أخرى تتمثل في مردودية كل خدمة من تلك الخدمات، فإن وجدنا أن هناك خدمة تعاملنا بها نادرا خلال العام، مع محدودية مردودها المادي، فبالتأكيد أنها نقطة الضعف التي تشكل العائق يجب إيقافها أو حجرها لمدة معينة، فشخصيا لا أميل إلى القرار النهائي ولكن لكل أمر مدة تجربة معينة.
وهناك مقياس آخر لترتيب الخدمات وهو قيمة الجهد المنفق فيها، فنضع في جدول كل خدماتنا مرتبة من التي تستهلك جهودا كبيرة إلى التي لا تتطلب الشيء الكثير، ثم ندرج عمودا فيه مردودية تلك الخدمات، فإن اشتركت خدمة في أمرين هما كمية الجهد الكبيرة المنفق فيها مع قلة المردود وجب إعادة النظر فيها إما بالاستغناء عنها أو محاولة تطويرها بما يلزمها، وهناك عوامل كثيرة داخلية لقلة مردودية الخدمات من بينها:
- قلة أو عدم وجود خطة تسويقية لتلك الخدمة.
- عدم وجود قدر كاف من التكوين والتدريب على تلك الخدمة.
- عدم توفر الامكانيات المادية الكافية لتوفير تلك الخدمة بشكل أفضل.
- عدم تناسب الخدمة مع ذهنية وتفكير محيط عملنا، كأن تكون أمرا جديدا أو مكلّفا، فيلزمها وقت لتأقلم معها العملاء.
وغيرها من العوامل التي علينا أن نراجع أنفسنا فيها قبل الإقدام على الاستغناء عنها بصفة نهائية، فليست الشجاعة في اتخاذ القرار وفقط ولكن في اتخاذ القرار المناسب في المكان والوقت المناسبين.
نعم ندعو للتخصص وعدم التوسع على حساب الجودة والاتقان، ولكن ليس بمعنى الانحصار والانغلاق على خدمة معينة، فقد تعلمنا أنه يجب علينا الإلمام بعموميات الأمور في محيط عملنا مع التخصص في مجال معين بصفة دقيقة.
هذا ما حاولت أن أستجمعه في الموضوع، بصفة مختصرة جدا، فالموضوع واسع وعريض، يحتاج لدراسات أعمق وصفحات أكثر، وماهو هنا سوى فتح للشهية وتنبيه لإخواني المصممين الذين ربما قد مروا بظروف مشابهة، واشتكوا من كثرة المهام والخدمات وحاولوا أن يقلّموا شجرتها، فنصيحتي لهم أن يتريثوا ولا يتسرعوا في اتخاذ القرارات ففي العجلة الندامة وماخاب من استشار.
التدوينة منشورة أيضا في موقعي نقطة بداية وميديا فيكوس
Comments (2)
بارك الله فيك وفي مدونتك الرائعة فعلا… قليل من المدونات التي تجد بها معلومات قيمة مثل التي تقدمها.
جزاك الله خير أخي، مرحبا بك