يحكى أن تاجرا كبيرا دخل يوما البنك ليستخرج مبلغا ماليا له..
قال للموظفة: السلام عليكم بنتي.. باغي نسحب منيار (وكان في لسانه لكنة)

ضحكت الموظفة وقالت له بصوت عال.. اا الحاج.. يسمى مليار ماشي منيار..!

قال لها.. غير اكسبيه ابنتي وسميه واش حبيتي ?

بمثل هذا المنطق وفي هذا السياق أرى جدالات ونقاشات في الكثير من مجموعات الستارتاب وريادة الأعمال.. يكتب شخص بسيط تجربته الواقعية من باب المشاركة (صاحب مطعم، طباخ، تاجر، فلاح، صانع حلويات، مربي دواجن.. ) وقد يتخللها بعض النقص في الضبط التقني للمصطلحات… ثم يأتي “السي فهيمون” ويترك كل الموضوع والفوائد التي فيه.. ويبدأ خطبته في تصويب الحروف والكلمات ويلتقط منها ما لا يمكن التقاطه إلا لإظهار نفسه بمظهر الخبير.. مع إيموجيات ساخرة ??? على البوستات والتعليقات..

فعلا لا تنقص بيئتنا المعلومات.. ولا التقنيات.. بقدر ما نحتاج للكثير من التواضع المعرفي.. ووضع الأرجل على الأرض.. واحترام الإنجازات الميدانية ولو بشيء من النقائص.. ومن جرب وفعل ليس كمن حفظ وقال..

شبكات التواصل الاجتماعي أفادتنا كثيرا… لكنها أفرزت كذلك بعض البوكيمونات ممن يعتقدون أن البطولة في حفظ أسماء الشركات الناجحة ورفع عداد متابعيهم في حساباتهم.. ومواكبة آخر تحديثات الفيسبوك والإنستغرام فقط.. وهم الذين يعتقدون أن القهوة ترتشف ولا تشرب.. ويرون أن تصرفاتهم تلك تزيدهم “عومقن”..

التجارة والبيزنس أرقام ومؤشرات.. نتائج وإنجازات.. وليست حضور مؤتمرات أو لايفات فقط.. ولا التنافس على جمع الفولورز.. والتقاط السيلفيات!

يتبع.. ليكتمل المشهد..!

يوم 2 جوان 2020.. أضفت هذه الحلقة..

من خلال هذه القصة حاولت معالجة “إشكالية” محددة من إحدى زواياها.. بينما هناك عدة زوايا أخرى يمكن أن تكون مدخلا ومنطلقا لتحليلات تؤدي لنفس المبدأ ونفس المغزى..

علي التوضيح “ككل مرة” أني لا أريد البقاء في جدلية ثنائية (النظري/الميداني).. ولست بصدد المفاضلة بين حزبين (جيل الشباب/كبار السن).. ولا أهدف من وراء ما كتبت إلى انتقاد فكرة التصويب والتصحيح بشكلها المطلق..

إنما أردت النفاذ بشكل صارم نحو فكرة “جنينية” دقيقة هي عقدة الاستعلاء لمجرد امتلاك شيء لا يملكه الآخر.. والتسرع والإشادة بذلك “المكسب” والصدح به في كل مقام بمناسبة وغيرها.. وهي “ظاهرة” آخذة في الانتشار كورم مزعج أصاب الكثير من المثقفين والمتخصصين.. من المحترفين والهواة.. من المتكنين والمبتدئين..

المشكلة عندما تشكل هذه “المعلومات/المحفوظات” عند صاحبها “كنزا نادرا” وجب إظهارها.. والدفاع عنها بصلابة إذا نوقشت.. وحشرها في كل تعليق وتعقيب.. ولو كانت مجرد جزئية ضئيلة فيه.. مما يجعلها ويجعل صاحبها كل مرة في “مواقف بايخة”.. يهدم الفكرة ويسيء لتخصصه ومجاله وهو يحسب أنه يحسن صنعا..

“تيزّايت اتّارو أورغ”.. وما لم تقله وتكتبه أفضل مما قلته وكتبته.. وعدم تعليقك على بعض المنشورات لا ينقص من وزنك شيئا.. ولا يزيدك جوعا ولا عطشا.. كما أن تعليقك الدائم لا يظهرك في ثوب الخبير.. ولا يزيح عنك رداء السي فهيم..

هل يمكن أن نغير معا هذه الطباع إن كانت فينا.. ونتعهد بعدم التسرع للرد بنية التصويب والتوجيه.. دعونا نتفادى إحراج الناس وقدح شرارة الانفعال فيهم.. فمنهم الحكيم الذي يقصف برده المفحم.. ومنهم المندفع الذي يتهجم بلسانه المتفحم..

لا أريد اقتراح حلول وبدائل تقنية وهي متاحة بوفرة.. بقدر ما أهدف إلى معالجة جذور تلك التصرفات من أساسها..

أعتقد أننا بشكل أو بآخر.. وفي مرحلة عمرية لنا قد تحمسنا وقمنا بذلك.. ولهذا فمن رأى في نفسه تلك الأعراض عليه المسارعة لتصحيح الخطأ..