الشهر: ديسمبر 2022

يمر عام آخر تختتم فيه أعمالنا وآمالنا، وفي كل محطة نقف للتقييم والنظر فيما مضى، نقيس الإنجاز مقارنة بما خططنا، ونتأمل الحصيلة ونكتشف فيها النقائص لتصحيحها، ومواطن العجز لتعويضها، ونقاط القصور لتحسين الأداء فيها بالمزيد من التعلم والتكوين.

في سياق المونديال وما حققته قطر، قرأت عددا معتبرا من المقالات بين من يمدحها ويشكرها، ومن يذمها وينتقدها، بعض الأقلام كانت راقية ممتعة ولو جاء المحتوى أحيانا مختلفا والأفكار معارضة، وفي الأمر متسع من الاختلاف في وجهات النظر نظرا لتباين التصور للموضوع، وفهم خلفيات ومنطلقات الكتّاب يجعلنا في موضع أقرب للإنصاف والفهم، إلا أن المستغرب هي الأقلام المأجورة، والأدهى منها المتطوعة للدفاع عن أفكار "الغالب" تجاه "المغلوب" بأسلوب وضيع وتحامل واضح يدل على جرعات مركزة من الحقد والحسد بعيدا عن أية موضوعية أو مبادئ.

شارفت فعاليات المونديال على الختام، ببلوغ الدور نصف النهائي مع ما حمل من مفاجآت ولحظات جميلة، سواء في الملعب أو خارجه، شاهدنا متعة كرة القدم وروعة الأهداف، اكتشفنا مواهب جديدة على مستوى اللاعبين وكذا المدربين، أبدعت قطر في تسيير هذا الحدث العالمي بدقة وسايرت الكثير من التحديات والمنعرجات بحكمة بالغة، فحق لها أن تكون المتوج الأول في كأس العالم بحسن ضيافتها وقوة أدائها، ولو خيب فريقها الآمال في أرضية الميدان بثلاث هزائم وهدف وحيد.

رغم الأصداء الجميلة من قطر، ومظاهر الاحتفال في كل زاوية وركن في الدوحة، إلا أن الآلة الإعلامية في دول عدة حاولت وتحاول التشويش على الحدث بإطلاق دعوات المقاطعة، وانجر من ورائها حتى بعض من لم يستسغ ما قامت به قطر من إبهار واحترافية في أدائها، وفي هذا يصدق القول: ليس من رأى كمن سمع، وبين من سمع ومن قرأ ومن رأى، وبين من تابع الموضوع بتفاصيله من سنوات ومن استيقظ فجأة على صافرة بداية المونديال، تختلف زوايا النظر وطرق التحليل وبالتالي النتائج والخلاصات.