قد يكتب الواحد منا بعض المقالات، ويتبنى بعض الآراء، ويفصح عن وجهات نظره في الفيسبوك، يفعل كل ذلك وخيار التعديل متاح أمامه، وخاصية الحذف والتراجع مفعلة بين يديه متى شاء.

لكن ما إن ينتقل الحرف من الوعاء الإلكتروني إلى الورقي، حتى تصبح المسؤولية أعظم، وما إن يقرر الكاتب تحويل أفكاره إلى كتاب حتى تبدأ الهواجس ويرتفع منسوب التردد والتوتر، فلا استدراك حينها.. ولا تراجع.

أختار خوض التجربة لثالث مرة بكتاب سميته “حمية فكرية” يحمل بين دفتيه مجموعة أفكار ورؤى صغتها من وحي قراءات ونقاشات وتكوينات، ربما تضيء طريقا، أو تفتح أفقا، أو تنير زاوية، أو تيسر فهما، أو تمنح أملا، أو تقدح شرارة، يتحرك على إثرها من يتحرك نحو فعل إيجابي قويم.

لهذا الكتاب قصة غريبة، فقد كان مقررا أن يصدر قبل عام، إلا أن خللا تقنيا حال دون ذلك، وضاعت مني آخر نسخة منه بعد المراجعة والتصحيح، وحين هممت بإرسالها إلى التنسيق والطباعة.

هذا الخلل تطلب مني إعادة مرحلة هامة من الكتاب ابتداء بالرقن يدويا إلى التصحيح والتعديل وحتى إضافة محتوى جديد فيه، ليصدر بهذا الشكل الآن، معتقدا أن في ذلك خير والحمد لله على كل حال.

تحية خالصة لفريق العمل الذي منحني وقته وخبرته ورأيه وجهده ليصدر الكتاب ويتجسد كمشروع ملموس، وتحية أوفى وأعمق لكل قارئ حكيم يدرك المعاني ويثريها ويمنح لها أبعادا أخرى أجمل وأفضل.