اعتدنا الاحتفاء بالعلم في الجزائر منذ فتحنا أعيننا على الحياة، وكانت مناسبة السادس عشر من أفريل كل عام، حفلا بهيجا على مستوى المدارس، نستعد له بتحضيرات مكثفة -على بساطتها- لأيام وأسابيع، بالأناشيد والمسرحيات والقصائد والخطب، وهي مناسبة وفاة الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله.

كبرنا وحظينا بمناسبة ثانية للعلم والعلماء، بدأت بذرة صغيرة منذ 13 عام، ونالت شهرة واسعة وطنيا وعالميا، ذاع صيتها ليبلغ الآفاق والمنابر العلمية والمعرفية، حتى أصبحت معيارا ومؤشرا لإبراز أسماء كانت في الظل لسنوات طويلة، حتى يحين موعد تكريمها لنكتشف كنوزا وسيرا ذاتية ثرية وإنجازات غزيرة، وفوق كل ذلك وقبله، أخلاقا رفيعة وأرواحا راقية، وإخلاصا نادرا.

حفل وسام العالم الجزائري، بكلماته وعروضه وما يحويه من لحظات شاعرية تهز القلوب وتنفض عن النفوس ثوب الخمول، نقطة بيضاء في ظلمة الأخبار المحبطة، جاء أملا مضيئا في عتمة السلبية القاتمة، مبادرة راقية، ويوما علميا معرفيا مشهودا، يكرّم فيه العلم والعلماء، لحظات نادرة تمسح فيه الجزائر ما علق في مرآتها من غبار، تستعيد نضارتها وألقها، جمالها وتألقها.

مؤسسة وسام العالم الجزائري بحفلها ومجتمعها ومشاريعها، نقطة فارقة في خط الزمن الجزائري، فرصة للجمع والعمل تحت سقف الوطن، يلتقي فيه الجزائري بأخيه في جو إيماني روحاني ملهم بديع، ولو اختلفت مشاربهم الثقافية وتخصصاتهم المعرفية، مكان إقامتهم وعيشهم، أعمارهم وأجيالهم، هو العيد في تجلياته، يلبس فيه الحاضرون لباس التقوى، وينهلون منه من معين القيم والأخلاق.

أستحضر ذكرياتي مع هذا الحدث الجميل أيام تشرفت بالتطوع ميدانيا ضمن الفريق في عدة مهمات بين التنظيم والتسويق والإعلام، وحاليا عن بعد بجهد بسيط، تمرّ علي أسماء وشخصيات فرقتنا المسافات وسار كل منا إلى حال سبيله، كنا كخلية النحل نعمل بكل تناغم ومتعة، ونحن نرى الآن نخبة من الشباب الطموح هناك ممن حمل المشعل وأبدع وأحسن.

أملي أن يبقى الحفل علميا جامعا، أن يحافظ على جوهره المعنوي وثرائه الروحي، لا ينجر ولا تجرّه أغراض وأهداف أخرى، رجائي أن تحافظ المبادرة على خطها القويم، ومبادئها التي أسست بها أول مرة، هي مهمة صعبة ثقيلة، وتهديد يمس كل إنجاز كبر ونما وصار مغريا يجلب إليه المتسلقين من سياسة أو متاجرة، وشجرة مثمرة ترمى بحصاة الناقمين وضيقي الأفق، وكلي ثقة في حكمة مسيريه والقائمين عليه لينأوا به عن تلك المطبات والمنعرجات، وكل احتمالات أفوله أو تحوله.

هنيئا لمن كان التكريم نصيبهم وهم أهل له، هنيئا لمن سعى واجتهد ووصل الليل بالنهار برمجة وتحضيرا وتسييرا وإشرافا، للدكتور محمد باباعمي، لمن أضفى للحدث تلك اللمسة الفنية الجمالية الفاخرة، لجيش المتطوعين، للشباب الفاعلين، لكل من اهتم وحضر وبارك وساند، هنيئا لكم جميعا، وإن حرمت الحضور جسدا إلا أن الروح هناك، ولو حالت بيني وبينه الالتزامات والظروف إلا أن القلب معكم..

نعم للجزائر علماؤها..

أقيم حفل وسام العالم الجزائري في طبعته 13، بالمركز الدولي للمؤتمرات، عبد اللطيف رحال، الجزائر العاصمة يوم السبت 19 نوفمبر 2022م بحضور شخصيات وعلماء، وضيوف شرف، ومهتمين ومهتمات من عدة ولايات في الجزائر.

العلماء المكرمون عام 2022:

  • أ.د. يوسف منتالشته
  • د. نشيدة قصباجي مرزوق
  • د. نعيمة بن كاري بوديدح

الموقع الرسمي للمؤسسة.