لم يكن العالم مستعدا بما يكفي لمواجهة تداعيات فيروس كورونا على مختلف المستويات والمجالات، وبما أننا نعيش وضعا استثنائيا ينقل لنا الإعلام وجها عنه، بينما لم نكتشف بعد أوجها كثيرة أخرى، سنبقى دائما في وضع الترقب بما ستفصح عنه الأيام القادمة، ومن ميزات الإنسان التكيف والتأقلم السريع مع المستجدات، مع تفاوت نسبي في ذلك.
من بين تلك التغيرات الواضحة كل ما تعلق بالأسفار وتسيير الرحلات في المطارات، وبما أني مؤخرا مررت بحوالي أربع مطارات، فقد لاحظت فيها جميعا حالة نادرة من الاستنفار والحركة غير العادية، بسبب احترازات فيروس كورونا، والتعامل مع القادمين والمغادرين، وبدرجة أقل مع الذين يستعملون “الترانزيت” من خلال الرحلات المحولة.
الملاحظ تلك الملصقات التوجيهية، واللوحات الإعلانية، واللوائح الإرشادية، في كل شبر من المطار، منها ما يؤشر للالتزام بالتباعد، ومنها ما يذكر بلبس الكمامة واستخدام المطهر الكحولي لليدين، فضلا عن أجهزة قياس الحرارة بيد موظفي المطار يصوبونه نحو الجبهة في أغلب المداخل والممرات، بينما شاشات الرحلات تدل على انخفاض كبير في عدد الرحلات مقارنة بما سبق، وهي إجراءات مرعبة في الحقيقية وكأننا في منطقة موبوءة يرتفع فيها احتمال خطر الإصابة بشكل كبير.
أما عن الوئاثق المطلوبة فهنا التضارب والاختلاف، وبما أن لكل دولة قراراتها وخطتها، ففي المطار تجتمع كل تلك الاجتهادات والإجراءات، وما على المسافر سوى البحث جيدا عن كل ما تتطلبه الوجهة التي يسافر إليها سواء كوثائق ورقية مطلوبة أو فحوصات أو تنزيل تطبيق إلكتروني معين، ولعل أهم وثيقة لم تكن مطلوبة فيما سبق رغم أهميتها بينما هي من الأساسيات الآن هي تأمين السفر مع الإشارة فيه للعلاج من فيروس كورونا إذا حدث وأصيب به المسافر أثناء الرحلة أو عند وصوله.
في الطائرة وجدت كذلك فرقا واضحا في التعامل بين شركات الطيران فيما يتعلق بإجراءات السلامة من فيروس كورونا، بين من تلزم التباعد بين الركاب وأخرى تفرض لباس قناع شفاف فضلا عن كمامة الوجه، ويظهر الاختلاف في تقديم الوجبات في أوعية مغلقة مصبرة، وفي لباس مضيفي الطائرة الشبيه بما يلبسه الأطباء في غرف العمليات، مع نظارات شفافة كالتي ترتديها المهندسون في ورش المقاولات وقواعد النفط.
صارت الرحلات أطول مما سبق، وأكثر معاناة وتعبا، وزادتها الإجراءات الصحية تعقيدا، مما يجعل شركات الطيران في تحديات بالغة لمواكبة الأمر بما يخفف من معاناة المسافرين والتعايش مع هذا الوباء الذي سيقضي معنا المزيد من الوقت حسب رأي الخبراء والعلماء.