في عصر المصادر المفتوحة، وثورة المعلومات التي تشهدها مجالات الأعمال صار من المعقد جدا اتخاذ مسار إبداعي كليا وبشكل مطلق في الأفكار والقرارات والخطوات، ومن جهة أخرى يمكن كشف التقليد من الإبداع تقنيا بكل بساطة، لذلك ليس علينا أن نشعر بعقدة نقص في هذا الموضوع.
يتباين أصحاب المشاريع في نسبة ذكائهم، ومدى صبرهم، وقوة تحملهم، في إدارة يومياتهم، بما يجعلهم كل مرة في مواجهة تحديات تطرأ في مختلف تفاصيل المشروع، وإذا لم توجد كانت مقارناتهم بمشاريع أخرى تشكل لديهم قدوة ومثالا في أحسن الظروف، أو تعتبر لديهم فرصة للتجسس عليها بما تشكله لديهم من مصدر قلق في أسوأ الأحوال.
هنا تطفو مشكلة أخرى تتعلق بشخصية صاحب المشروع وقد تمتد لفريقه، وهي انزلاقه إلى مسار تسويق نفسه ومشروعه بمعلومات مغلوطة، إذ يزين سمعته المهنية بدرجة عالية من الإبداع، ويعتبر تحديات غيره مجرد أمور بسيطة بديهية عنده، مما يشعره بنشوة الخبير ويلبسه رداء الرائد افتراضيا على الأقل وحتى في الواقع..
هذه المرحلة الخطيرة في المشروع تودي به في دركات الفشل إذا كانت الصورة الخارجية أكبر وأجمل وأكثر احترافية من واقعها الحقيقي بفارق كبير، حتى يخيل لصاحبها – وهما- أنه مراقب من منافسيه، كمحط أنظار ليقلدوه ويقتفوا أثره.. بينما كل مساره تقليد في تقليد دون أي تجديد وإن وجد فهو قليل ونادر جدا..
تقليد أفضل النماذج الموجودة والاقتداء بها أمر مطلوب، ومراقبة أداء المنافسين بشكل أخلاقي خطوة احترافية، على ألا نبقى في ذلك المستوى بل نراكم التجارب ونضيف لمساتنا الخاصة، ونقدم قيمتنا المضافة لنرتقي إلى درجة يقلدنا ويراقبنا فيها من بعدنا..