تفرض علينا الحياة التعامل مع الناس، والتواصل معهم، جلبا لمصالح، أو درءا لمفاسد، وبما أن الناس ألوان، ومعادن، وبما أن المستويات متباينة في النظر للأمور، والتمييز بين الخطأ والصواب، وهم أيضا مختلفون أساسا في تصريف عواطفهم وإدارتها، وترجمتها على ألسنتهم، والتعبير عنها في كتاباتهم، ولأنهم مختلفون في يومياتهم ومدى معايشتهم للضغوط النفسية شخصيا ومهنيا.
لكل منا رصيد من الأفكار المسبقة، والخلفيات التي تجعلنا نفترض الجواب الذي علينا صياغته كردة فعل تجاه أي استفزاز يحدث لنا، وهنا نحن نستنفر قواميسنا ونلجأ إليها لحفظ كرامتنا أحيانا، أو استرداد حق ضاع، أو الدفاع عن موقف اعتبرنا فيه أنفسنا ضحايا وعلى صواب، ولا أجمل من الحلم والتريث قبل التفوه بأي كلمة قد نندم عليها، ونكتشف بعدها خطأنا بعد الانفجار وفوات الأوان.
في علاقاتنا هناك اعتبارات ومسافات واتجاهات، ولا يمكننا اعتبار الناس جميعا على نفس المستوى، سواء كأنداد أو أعلى أو أقل منا قيمة وشأنا، ففي خطابنا مع والدينا، ومن ربونا، ومن علمونا، نكون أكثر خضوعا واستسلاما، ولو جاءت القسوة منهم، لذلك فيعتبر الحلم في هذا المستوى من البديهيات والواجبات، ولكن عند التواصل مع الأصدقاء أو حتى الغرباء ومن هم تحت مسؤوليتنا، هناك تظهر حقيقتنا ويفتضح رصيدنا الأخلاقي والنفسي عند سقوطنا في موقف استفزاز.
شخصيا أكنّ احتراما كبيرا لمن يملك زمام أمره، ويتحكم في مشاعره، ويتقن التعبير بلسانه في أوقات الشدة، كما أعترف بخطئي من حين لآخر، وسوء تقديري في بعض المواقف المستفزة خصوصا في شبكات التواصل الاجتماعي، ولو جاء الاعتذار بديهيا بعدها، إلا أنه غير كاف في بعض الأحيان.
لكل من أوتي فضيلة الحِلم، والصبر عند الشدائد، أتقدم بشكري الخالص، ولمن حظي بمثل هؤلاء الأشخاص فيمن حوله، أوصيك بالتمسك بهم والتعلم منهم، وإبداء التقدير والعرفان لهم، هم نادرون حقا.