تسنى لي فيما مضى الاطلاع على قدر معتبر من الكتابات عن الهجرة والمهاجرين، من خلال روايات أو مقالات أو تقارير ووثائقيات، وهو موضوع استهواني كثيرا بما يحويه من قصص التحدي والعيش في ظروف خاصة يرسم بها روادها مسارات حياتهم الخاصة.
مؤخرا سنحت لي الفرصة بحكم عملي بلقاء الكثير منهم، نتبادل أطراف الحديث بداية بتعارف خفيف، بينما يخفي كل منا فضوله منتظرا الفرصة المناسبة لطرح الأسئلة الأكثر تداولا.. ما الذي جعلك تقرر الهجرة؟ ومنذ متى؟ وماذا تفعل الآن؟ وهل تفكر في العودة؟.. وغيرها من الأسئلة التي يجر بعضها بعضا كطقم وباقة جاهزة..
حقا هي قصص تروى بالكثير من العبر والمسارات الشاقة قبل الوصول لنقطة الاستقرار والشعور بالرضا النسبي والأمان الأسري والمالي وتحقيق الذات والحصول على الشغف الذي طال انتظاره.. كما تحكي أزمات أخرى وتحديات مزمنة لم يصل صاحبها لبر الأمان بعد..
البعض يمني نفسه بالعودة لوطنه بعدما كبر وتعب وضحى كثيرا، والبعض الآخر قد يئس من قريته ولا يفكر إلا بخوض المزيد من التجارب في دول وقارات أخرى، والبعض يشكو ويتذمر العنصرية أو التمييز في بيئة كان فيها لسنوات، وبين عين الرضا وعين السخط تتمايز المزايا والمساوئ، وتغيب العيوب أو تطفو جلية..
الجلوس للمهاجرين والمغتربين من شتى الدول والإنصات لتجاربهم الإنسانية بعين ناقدة وعقل محلل.. يزيد للعمر عمرا.. وللنضج نضجا.. فلا التجارب تتكرر ولا الخبرات تستنسخ.. لكلٍّ منهم قصة حياته المتفردة الفريدة.. لعلها تستوي يوما في كتاب.. من يدري؟ نسأل الله البركة في العمر.