يتسابق الناس نحو الأدوار المريحة في المجتمع، ويتنافس حولها كل من رأى في نفسه شيئا من القدرة والإمكان، بينما تفتقر الكثير من الجبهات إلى من يقوم بها أحسن قيام، لا يكفي أن يؤدي ما عليه فيها فقط، إنما أن يضيف ويطور وينأى بها عن عبث العابثين وتخاذل المتخاذلين ونزوات المغامرين.
الظاهرة الكلامية في المجتمع حقا تحتاج للدراسة والتأمل، فضلا عن تناميها وانفجارها أكثر في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، مما جعل التمييز بين المخلصين حقيقية وبين الانتهازيين والمتسلقين مهمة صعبة جدا، وبذلك ضاعت الكثير من المصالح، وفوتنا فرصا هامة لتحقيق الأهداف وتفادي الانزلاق نحو الرداءة، مما يستوجب شكرا خاصا جدا للمرابطين في تلك الثغور الصعبة، رغم الضغوط والأزمات والنيران الصديقة ولؤم المتلونين.
أن يوصف شاب كفء جمع صفات الإبداع والإخلاص والولاء، بالتسرع والخفة والافتقاد إلى الغيرة على مجتمعه أمر صعب جدا، والأصعب منه عندما تصدر تلك التهم ممن يفترض منهم أن يدعموه ويشجعوه، وبين يديه بدائل كثيرة أكثر راحة وتحفيزا، إلا أنه يفضل مواجهة تلك الغيوم دون أن يفقد توازنه بسببها، هذا وأمثاله حقا يستحقون الشكر والتقدير والاحتفاء.
في الأزمات تظهر المعادن على حقيقتها، وتنكشف النوايا، ويدرك الإنسان فعلا تلك الفروق الواضحة بين من صدق فعله قوله، من كانوا حقا سببا مباشرا لإنقاذ المجتمع من ابتذال أصحاب الشعارات وهواة الأضواء والبريق، وعند تحقيق الإنجازات لا يدّعون شيئا، ولا ينسبون ما تحقق لأنفسهم، بل يرجعون الفضل كله لله عز وجل، ولذوي الفضل وهم على قمتهم، بينما يتواصل الضجيج ممن ألفه واعتاده.
شكرا لرواد الأزمات، فأنتم تاج المجتمع وناصيته، أنتم قلبه النابض، أرسل لكم تحية وسلاما وقد عرفت منكم القليل وجهلت الكثير، اكتشفت فيكم القليل وغاب عني الكثير، عند الله أجركم، والله لا يضيع أجر المحسنين.